فيلم (النوم في العسل)
تحت عنوان
قراءة
بقلم البارون الأخير
/ محمود صلاح الدين
يخيل للمشاهد من الوهلة الأولى لهذا العمل انه يطرح فكرة ساذجة وهي
مرض يصيب الجهاز التناسلي للرجال وهذا غير صحيح بالمرة فالعمل يعتبر طفرة في طريقة
النقد السياسي بصيغة احترافية ومن اهم القضايا التي يطرحها العمل وهي تغيب المجتمع
عن ما يجري حوله من قضايا كبيرة وطريقة التعامل معها وقد نجح مخرج العمل وهو
للمخرجة (شريفه
عرفه) سنة 1996 وكان لابد من وجود موضوع استفزازي للمشاهد ولم يكن هناك اقوى من
قضية العجز الجنسي لطرح النقد السياسي ومسالة تكميم الافواه وتقيد الراي العام
وقضية طرح تلك المواضيع كان بمثابة مجازفة حقيقية في مجريات العمل الفني وهذا يحسب
الى الفنان الكبير عادل امام في اختيار المواضيع المميزة وله تجارب عديدة قبل هذا
العمل ومنها فلم الإرهابي وليس هذا موضوعنا انما طرح مواضيع جريئة بصيغة استفزازية
للمشاهد هو افضل أنواع النقد الاجتماعي فالعالم اليوم منشغل بقضايا هنا وهناك فدخل
عالمنا اليوم أفكار اقل ما توصف بالسذاجة والسطحية ولهذا تأثير كبير في الأيام
القادمة وطرح الفلم لمشكلة عدم الإفصاح بما نحن عليه لجوانب عديدة هي الأصل في
فكرة العمل وقد يعطي أيضا إشارات الى مواضيع عديدة ومنها ألية التعامل السلطوي في
طرح ما يلامس حياة
المواطن والرأي العام وقد نجح العمل بشكل كبير في تقديم الصور التي تحكي ما وراء
الحدث ويكاد العمل ان يدخل في بوابة الرمزية الى حد كبير اذا ما عد العمل من
الاعمال التي تعتمد بشكل أساسي الرمز وهو (العجز الجنسي) ويرمز بها الى الاحداث
التي لا يمكن التحدث عنها بشكل علني حيث رمز لها العمل بصرخة (اه) تعبير عن الوجع
من كتمان حقيقة الامر ويحيطها مصطلحات منها العيب والخجل والخوف وهذه المصطلحات هي
التي تحكم الموقف وكل ما ذكرت هو يعود الى المدرسة الرمزية ويأخذ العمل شخصيات
متعددة جانبية ومنها دور صاحبة بيت الدعارة وكلمتها المشهورة عندما سألها البطل عن
ما يحدث قالت (كلام في كلام منخذش منهم الا الكلام) وهذا بالضبط ما يعبر عن الواقع
اليوم من وعود كاذبة الى الشعوب وعلى ما يسمى بشارع العام والغريب ان الفلم يعطي
صورة مستقبلية لم سوف يحدث فالعمل من تسعينيات القرن الماضي ولكنه نظرة مستقبلية
للأيام القادمة وما نحن عليه اليوم من مفارقات وكوارث نعيشها كل يوم ولا يستطيع
احد التحدث عنها على العلن فتبقى في طي السر الذي من المحتمل قتل حاملة ومن الصور
الأخرى التي شددت انتباهي هو شخصية الدجال الذي يلعب دور في زمن الازمات والطريقة التي
دافع الناس عنه عندما أراد ضابط الشرطة القبض عليه وهذه الصورة لها دلالة على أوليائك
الذين ينتفعون من تلك الازمات التي يمر بها البلد وليس المقصود هي شخصية الدجال
كما صور العمل وقد يكون اليوم هو ذاته السياسي بشخصية الدجال الذي يدافع عنه الناس
كنوع من التمسك في الامل المفقود وقد يعتبر هذا العمل طفرة نوعية في الاعمال
النقدية من الناحية التقنية والحبكة الدرامية في تسليط الضوء على صور غائبة عن
رؤية المشاهد العادي في ما يجري حولهم من قضايا لا يمكن البوح عنها وما كتب الان
قراءة بسيطة لهذا العمل العملاق وقد أكون لم اوفي ما يستحق هذا العمل ولكنها حجر
في ماء بحيرة هادئة .... ولهذا كتبت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق