أغبياء العصر
تحت عنوان
فلسفة البارون
بقلم البارون الأخير /
محمود صلاح الدين
ان كل ما سيكتب الان هو إعادة صياغة مصطلح الغباء من
الناحية الفلسفية، وقد كان هناك العديد من المفاهيم لأصل المعنى للكلمة عند قدماء
الفلاسفة ، ونحن هنا لسنا بصدد الحديث عن ما كان من فلاسفة العصور . والغباء اليوم
ما عاد يحصر في فشل الانسان في التحصيل العلمي ، ولكن هناك جوانب أخرى سوف يتم
تناولها من خلال مدرسة الشموليون التي تأتي ما بعد الفلسفة ، التي انتمي لها ،
والشموليون هم الذين لديهم الإجابات التي كان يبحث عنها الفلاسفة. وقد سهل إيجاد هذه
المدرسة هو تطور التقنيات المعرفية ، التي توفر الإجابات دون أي عناء او تعب .
وهنا يأتي دورنا في توظف تلك الإجابات لخدمة المجتمع. فالغباء أصبح اليوم له نتائج
كارثية ، فما عاد هو صفه خاصة في طبقة الجهلاء فاخذ يتسلل الى الطبقة الأكاديميين
والمثقفين . وهذا ليس ضرب من الخيال او مجرد هلوسة ، انما هي استقراء للأحداث التي
حولنا في الحياة اليومية والفشل المتراكم في أدارة الحياة في الشكل الصحيح . وكل
هذا بسبب الغباء الجديد في شرائح المجتمع . والمفهوم الجديد عبارة عن : (( ان كل
شخص تتوفر له كل المقومات والسبل لخلق الابداع ويتحول الى نموذج مقلد لمن سبقه
فهذا هو الغباء الجديد )) . ونرى اليوم الكثير من تلك النماذج التي لها تحصيل علمي
او منصب اداري ، ولا يكون مبتكر ، وقد حول الامر من مكان لصناعة ابداع الى مكان
يتقاضى فيه راتب يساعده للعيش . وهذه الحالة تساهم في خلق ارتباك في مفاصل الحياة
، وقد يتحول بمرور الزمن الى عائق يمنع كل فكرة تحمل الابداع والابتكار ، وهذا
بسبب تجسد صورة الغباء والفشل الذي يحمله . وقد اعتبر بعض الناس ان الغباء حالة
مرضية هؤلاء هم الاغبياء من طبقة الاكاديميين فنرى اليوم لا بتكارات ، ولا
اختراعات ، ولا حتى أفكار جديدة ، سوى التمسك بما وصل له من خلال الحفظ الاعمى دون
فهم او استيعاب . وقد انتشرت هذه الحالة من خلال ما يسمى في مصطلح التكنقراط ،
وهذا المصطلح الذي كان محصور في الساحة الاكاديمية . ولكن اليوم خرجت هذه الفكرة
الى التطبيق في مؤسسات الدولة والشارع العام ، وهناك محولات تكاد ان تكون خجولة في
كسر طوق الغباء بينهم ، ولكن يكون هناك هجوم منظم من خلال عدم التعادي على الآراء التي
سبقت ، من خلال كلمة ( من تكون انت لتاتي بالجديد وتعدل على ما تعارف عليه الناس )
. وهنا يكمن سر مفهوم فكرة الغباء التمسك بالمسلمات، وعدم إعطاء مساحة للفكر الإبداعي
، في إيجاد نظريات تخالف ما هم عليه. وذلك بسبب ان أي فكرة جديدة تحمل ابداع هي
محاولة كشف المستور ، وتعريت الدماغ ، وتكشف مدى الغباء في شخصية من يدعي انهم
اذكياء . وذلك النماذج أصبحت ظاهرة على قدر واسع من الشرائح الاكاديمية والمثقفين أيضا
، وليس هي على مستوى العلمي فقط ، حتى في الحياة اليومية . وهي حالة شاذة فكل ما
يثبت ان العقل البشري بدأ بالضمور بسبب التقليد هي مرفوضة ، وفي بعض الأحيان تعتبر
جريمة . وقد يكون هذا بداية الانهيار الفكري اذا ما كان قد انهار بالفعل ، وتحول
الانسان يتميز في المقاعد الدراسية ليس لخدمة العلم ، انما للحصول على دخل اعلى
للعيش فقط . وكل هذا واكثر في ايقونة الغباء اليوم فالطموح ممنوع ، والجديد ممنوع
، وتصحيح ما كان قبلنا ممنوع ، والفنون اصبح من ظواهر التفاهة . وهنا يجب على
المجتمع تصحيح الخلل من خلال تقبل الجديد اذا ما خضع لمنظور المنطق والعقل ((المتحرر))
واضعها بين قوسين ، لان العقول أمست اليوم مغلقة على الإرث التاريخي والعلمي ،
واصبح كل ما نتحدث به اليوم هو ما كنا عليه من تقدم في العلوم . وقد تكون ثورة
الفكر هي احد الحلول للخروج من حالة الغباء ولكن أي من الثورات في العالم تحتاج لأراده
حقيقية لتغير الواقع . لا تحت فكرة انا ومن بعدي الطوفان .
ابعد الله عنا وعنكم الغباء والاغبياء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق